السنيورة
والقى السنيورة كلمة أكد فيها أن "الظروف التي تمر بها المنطقة ويمر بها لبنان تدعونا أيضاً وتلح علينا أن نتبصر في أحوالنا، وأحوال بلدنا، وأن لا ننجرّ إلى الفتنة، أو أن نُستعمل أدواتٍ في صراع لا يؤدي إلا إلى خراب بلدنا وتدميره. فالخلاف السياسي والتباين في وجهات النظر ليس مسموحا أن يتحول اقتتالا بين أبناء البلد الواحد والصف الواحد والمدينة الواحدة والشارع الواحد".
وأضاف أن "المصالحة التي نحن في صددها اليوم لا تعني إلغاء الاختلافات السياسية أو وجهات النظر المتعددة بل تعني ترسيخاً لجملة من المبادئ التي دعا إليها أبناء طرابلس وتضمنتها الوثيقة التي نجتمع حولها اليوم إلا وهي: أن طرابلس مدينة واحدة بأهلها وبنيها وعائلاتها الروحية والسياسية وان الدولة هي المرجعية وهي الضامن والحامي والراعي للجميع وان طرابلس ينبغي أن تكون مدينة منزوعة السلاح والمسلحين والشعارات لأن السلاح بأيدي الأفراد والجماعات لا يحمي أحداً ولا يشكل ضمانة لأحد. فطرابلس مدينة تحضن كل عائلاتها بكل تلاوينهم السياسية والفكرية وهي مدينة الحوار والتلاقي والتبادل والتلاقح الثقافي والفكري".
ورأى أن "وثيقة المصالحة التي توافق أبناء المدينة عليها هي بمثابة عهد ملزم لكل الأطراف، نلتزم بها بالتوافق والرضى، لكن الدولة من جهتها، وعلى المستوى الأمني ستقوم بدورها كاملاً في ضبط الأمن والمحافظة على سلامة المواطنين ومصالحهم، تجاه كل مخل بالأمن أو عابث بالاستقرار. فالمخل بأمن المدينة لأي جهة انتمى، هو عدو للمدينة ولكل أبنائها وكل عائلاتها ولن يجد من يحميه أو يختبئ وراءه.. امن مدينة طرابلس هو من أمن لبنان ولا يمكن المساومة عليه أو التنازل عنه قيد أنملة".
وتابع السنيورة: "أما ما يتعلق بحاجات المدينة ومطالبها التي سمعناها من كل أطرافها فان هذا بالنسبة إلينا هو الأمر البالغ الأهمية، ومسألة شديدة الجدية والضرورة ولم يعد التعامل معها بتمهل يخدم الحل أو الاستقرار، إذ أن الغبن والإهمال التاريخي للمدينة ومحيطها لا يمكن التسليم أو القبول به أو تركه من دون معالجة فاعلة وسريعة ومسؤولة. لكني أود أن أقول أننا سنضع حاجات طرابلس في أولوية الأولويات لدينا كدولة وكمؤسسات رسمية ومعنية، أو كقوى حريصة على الاستقرار والتقدم. وقد قمنا بترتيب المطالب التي سمعناها وحسب الأولويات وسنعمل على تنفيذها كما سبق وأشرت في ختام اليوم الطرابلسي وفقا لآليتين: سريعة يباشر بتنفيذها فورا ومتوسطة، حسب طبيعة المشاريع نفسها والوقت الذي تحتاجه، يعمل على إعداد التصورات والمشاريع والدراسات لها ولضمان تحقيق ذلك سنضع آليات للمتابعة يشارك فيها أيضاً ممثلون عن المجتمع المدني في طرابلس".
واضاف: "أما ما يتعلق بالمساعدات والإعانات والأمور الإغاثية فإننا سنجهد ونلتزم بتنفيذ كل ما تطلبه هذه المدينة من مساعدات وأعمال اغاثية في منطقة باب التبانة وبعل محسن، وسنعمل كل ما بوسعنا لتأمين الدعم اللازم لجهود الحكومة مع الأشقاء والأصدقاء بأسرع ما يمكن من الوقت، لان الحاجات الملحة لا تنتظر ولا يمكن التأخر فيها. كما أنني سمعت تأكيدا من الشيخ سعد الحريري هذه الليلة، وهو تأكيد على تأكيد سمعته منه، بأنه يضع كل جهوده وإمكانياته من أجل تأمين جميع الأموال اللازمة لحاجات منطقة باب التبانة وبعل وحسن ولإطلاق حركة إعمارية في كل مدينة طرابلس من أجل السير قدما في العمليات التي تؤدي إلى إنعاش المدينة وتحريك عجلة الاقتصاد، وهذا أمر في غاية الأهمية سنسعى سوية من أجل تنفيذه".
وختم السنيورة بالقول: "إن المصالحة التي نجتمع من اجلها هي خير خطوة ليس فقط لطي صفحة الماضي البغيض، ولكن لأننا نرى في المصالحة الروح التي نؤسس عليها حياتنا الوطنية والتي تشكل قاعدة هذه العلاقة التي تقوم على مفهوم التسامح والمحبة ونبذ العنف واللجوء إلى الحوار في معالجة مشاكلنا واختلافاتنا وتقبل وجهات نظر بعضنا بعضاً. هذه الروح الوطنية، الوفاقية، هي التي نريدها أن تحكم علاقاتنا، لأنها تشكل الضمانة الحقيقية لنا جميعاً، لوجودنا، ولعيشنا المشترك والتي نريدها اليوم منطلقاً ونموذجاً لمصالحاتٍ أخرى في كل أرجاء لبنان تُعيد السلام والأمن والطمأنينة إلى اللبنانيين. ونحن بإذن الله نتطلع إلى الأمام برؤية مشرقة واعدة وخطوتكم اليوم جميعا خطوة مباركة نكبرها ونحييها وندعمها بكل ما لدينا من قوة وعزم وإمكانيات".
ونقل السنيورة "تحيات فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي يتابع ويرعى ويتمنى لهذا الحدث النجاح، ويعتبره محطة أساسية على طريق عودة الوئام وتثبيت الأمن وسلطة الدولة. إن كل التجارب التي مررنا بها تثبت ألا مناص من عودة الدولة، وهذا ما سنعمل له بإذن الله". ثم تلا نص إعلان وثيقة طرابلس للمصالحة.
الحريري
وقبل التوقيع على الوثيقة القى النائب الحريري كلمة شكر فيها "كل من ساهم في الوصول الى هذا الاتفاق.ما حصل في السابق في طرابلس آمل ان يبقى من الماضي"، وقال: "انا اؤكد لكم ان الدولة والرئيس فؤاد السنيورة سيقوم بكل الجهود والمساعي، لتأمين كل ما تحتاجه المناطق المنكوبة في باب التبانة وجبل محسن والقبة والمنكوبين، وتعويض كل منزل تضرر جراء هذه الاحداث، باسرع وقت ممكن. واتمنى كما دولة الرئيس، ان تكون قد تم تنفيذ معظم هذه الامور قبل عيد الفطر فيكون الجميع قد عادوا الى منازلهم".
أضاف: "ان باب التبانة وجبل محسن وطرابلس هي فعلا مناطق منكوبة كما ذكر دولة الرئيس، وهي تحتاج الى مشاريع كبرى ترفع عنها انقاض الحرب التي شهدتها، وخاصة باب التبانة التي عانت ما عانته في تاريخها. انا مستعد، وكذلك الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي وعدد كبير من الفاعليات الطرابلسية، ان نبدأ نحن كلبنانيين، بالعمل جديا من خلال مؤسساتنا بالعمل لاقامة مشاريع، يكون جزء منها بالتعاون مع الدولة. وسنسعى مع الدول العربية الصديقة للمساهمة معنا، وهي كانت تواكب دائما ما يجري في طرابلس وفي لبنان، وكانت سباقة في مساعدة لبنان واخراجه من المحنة، وخاصة المملكة العربية السعودية ودول الخليج ومصر وكل اصدقاء لبنان. لذلك سنضع برنامج اولويات بالنسبة لانماء طرابلس وتشجيع الاقتصاد، وارساء الامن فيها".
وختم الحريري بالقول: "اود ان اشكر السيد علي عيد ونجله رفعت، والسيد احمد كرامي على الجهود التي بذلوها والمشايخ الموجودين معنا، والذين سعوا لهذه المصالحة واخوتنا السلفيين واهل باب التبانة وجبل محسن. نحن كلنا اخوة في لبنان، لا فرق بين مسلم ومسيحي في هذا الوطن ولا بين مسلم وآخر، ولا مجال ان نحيد في تيار المستقبل عن مسيرة الرئيس رفيق الحريري، مسيرة الوفاق والسلم الاهلي والعيش المشترك.هذه هي رسالة رفيق الحريري وهذه هي الرسالة التي سنكملها".
بنود الوثيقة
وتؤكد الوثيقة على التاريخ الوحدوي والوطني لطرابلس الجامعة لكل ابنائها، قبل ان تؤكد ان العودة بطرابلس الى سابق عهدها يحتاج خطوات ابرزها:
ـ إتفاق جميع القيادات والفعاليات على تثبيت السلم والامن والاستقرار وعدم اللجوء تحت اي ظرف الى العنف المسلح.
ـ التأكيد على اهمية اللقاء والمصالحة بين كل القوى على ساحة المدينة وبرعاية الدولة.
ـ الطلب الى قيادة الجيش اللبناني في الشمال تحديد جدول زمني لعودة كل النازحين الى منازلهم وتأمين كل ما له علاقة بامنهم.
ـ تأمين منازل بديلة ومؤقتة للمواطنين الذين يتعذر عليهم العودة الى منازلهم لعدم صلاحيتها وذلك عن طريق توفير بدل ايجار لهم.
ـ الطلب الى الهيئة العليا للاغاثة تسريع عملية تحديد الاضرار في الارواح والاجساد والممتلكات تمهيدا للتعويض عن المتضررين.
ـ التمني على رئيس مجلس الوزراء العمل على تأمين كل التعويضات اللازمة.
في دارة الرئيس كرامي
وقبيل ذلك أقام الرئيس عمر كرامي في دارته في طرابلس حفل افطار للسنيورة، كما استقبل شخصيات سياسية في اطار المساعي الحثيثة لاتمام المصالحة الطرابلسية، وتلقى كرامي اتصالاً هاتفياً من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان هنأه فيه بعودته من زيارة رسمية لطهران، مثمناً الخطوات الايجابية الجارية لاتمام المصالحة، معتبراً ذلك ضماناً للميثاق الوطني والحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار في البلاد.