وقال سماحته: "إننا ننظر إلى أي توافق يتم على الساحة الإسلامية وإلى أي تقارب، وخصوصا بين السنة والشيعة، نظرة إيجابية عموما، وندعو إلى التعامل مع هذا التقارب بروح إيجابية حتى لا تبقى اللقاءات مجرد كلمات كتبت أو مواقف صدرت، بل ترقى إلى مستويات التعاون العملي الذي تتم ترجمته على مستوى الواقع في حركة تواصل وتنسيق يحترم فيها كل فريق الفريق الآخر ولا يسيء إليه أو إلى مقدساته ورموزه وخصوصياته.
ونحن في الوقت نفسه، ندعو كل العاملين للاسلام إلى رصد هذا التقارب وما يحمله من إيجابيات في محاولة لتعميمه في الساحة الإسلامية كلها، وحتى في الساحة الوطنية، وملاحقة ما فيها من سلبيات للعمل على معالجتها بالطريقة التي تحفظ توازن الساحة الإسلامية والوطنية على السواء، لأن أي تقارب يفضي إلى التعهد بعدم الاعتداء ويجمع صفوف المسلمين ولا يفرقها يمثل حماية للدين الحنيف وللمجموعات الإسلامية وللمجتمع المدني كله، وقد شهد النبي حلف "الفضول" الذي يمنع أي فريق من الاعتداء على فريق آخر ويجعل القبائل تقف مع المظلوم ضد الظالم، وقال لو دعيت إلى مثله في الإسلام لفعلت.
فكيف إذا كانت المسألة تتصل بحفظ المسلمين ورص صفوفهم ومنع الفتنة التي يروج لها المستكبرون من أن تأكل الأخضر واليابس في واقعهم".
اضاف: "لقد كنا نقول دائما، إن الأساس الذي يجمع المسلمين هو الوثيقة الإلهية المتمثلة في القرآن الكريم وفي سنة النبي. قال تعالى: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول". ومن الأهمية بمكان أن تنزل هذه الآية إلى الواقع العملي، بحيث نخرج من حالة الشعار والعناوين العامة إلى ساحة التلاقي حول النقاط المشتركة - وهي كثيرة - للعمل في سبيل تجسيد العزة الإسلامية في صعيد الواقع. ولذلك، فإننا نؤكد ضرورة أن يستتبع أي تقارب على المستوى السياسي والاجتماعي العام محاولات مسؤولية لتأكيد الوحدة انطلاقا من الخطوط الثقافية والفكرية والعقائدية التي أكدها القرآن الكريم والسنة الشريفة، لأن ذلك هو الذي يحمي أية حركة للتقارب والتعاون ويؤصل انطلاقاتها ويفتح الآفاق الرحبة لتحقيق أهدافها وغاياتها".
وتابع: "إننا نرحب بأي سعي جدي لمواجهة الجماعات والحركات والتوجهات التكفيرية وصناع الأساطير والخرافات ومنتجي الغلو والتطرف داخل الساحة الإسلامية الشيعية والسنية، لأننا نرى في هؤلاء الخطر الداهم على الإسلام والمسلمين وعلى الأمة كلها والدين كله، وقد عانينا من هؤلاء كثيرا في محاولاتهم المستمرة لتضليل وتفسيق وتكفير من يختلف معهم في الرأي، ونريد لأي توجه يسعى لمواجهة هؤلاء أن ينطلق من قاعدة إسلامية أصيلة يتوحد فيها السنة والشيعة، وينزل فيها الدعاة والعاملون إلى الميدان ليواجهوا كل أساليب السب والشتم واللعن والتكفير بحملة ثقافية إسلامية مدروسة تستهدي كلام الإمام علي (ع): "احصد الشر من صدر أخيك بقلعه من صدرك".