وشدد "على الإسراع في توفير البديل لهذا السقوط للمنظمة الدولية إما عبر إصلاحها، أو قيام الشعوب ودول عدم الانحياز ودول منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية بمبادرات ومحاولات عملية لإحداث تغييرات جدية في طريقة تعاطي "الكبار" مع شعوبنا من خلال استغلالهم لمجلس الأمن الدولي".
وأكد "أن الإدارة الأمريكية فشلت في قيادة العالم وأدخلت معها الأمم المتحدة في أنفاق الفشل من حيث عملت على إخضاعها لبرنامجها السياسي وأجندتها الأمنية"، داعيا "دول الممانعة وحركات التحرر إلى أن تضاعف جهودها وحماية نفسها"، ومشددا "على ان المقاومة في لبنان يجب أن تبقى على جهوزيتها واستعدادها في عالم لا يحترم إلا الأقوياء".
وعلق آية الله فضل الله على تطورات الأحداث الدولية الأخيرة فقال في تصريح اليوم:"لقد أظهرت الأحداث التي جرت في العقود الأخيرة، وفي الولايتين الأخيرتين للرئيس الأمريكي جورج بوش، على وجه التحديد، مدى الضعف الذي أصاب الأمم المتحدة، وإخفاقها في أن تعالج الأزمات الدولية أو أن تحمي الشعوب والدول الصغيرة في زحف الدول الكبيرة عليها لمصادرة خيراتها وثرواتها وقراراتها، وحتى إسقاط أنظمة الحكم فيها، أو دعم هذه الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لدول أخرى تسير في فلكها وتختزن رؤية سياسية مشابهة لها ومتممة لمصالحها، وهو ما تجلى بشكل خطير في الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل لتمارس أكبر عمليات القتل والاجتياح ومصادرة الأراضي، كما فعلت في فلسطين المحتلة وجوارها وفي حروبها الإرهابية وجرائمها الوحشية كالذي حدث في تموز من العام 2006 في حربها على لبنان".
اضاف :"إن أحداث العقد الأخير الذي شهد الغزو الأمريكي لأفغانستان، ومن ثم للعراق والذي حصل بعيدا عن أية تغطية من الأمم المتحدة نفسها، حيث أكد الأمين العام السابق للمنظمة الدولية، كوفي عنان، أن الحرب على العراق لم تكن شرعية... وغيرها من الأحداث في فلسطين المحتلة وجنوب لبنان والصومال... تؤكد سقوط الأمم المتحدة سقوطا مريعا لحساب الاستراتيجيات التي رسمتها الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي عملت من خلال مجلس الأمن على إفراغ حركة الأمم المتحدة من مضمونها وإسقاط الأهداف التي لأجلها جرى تأسيس المنظمة الدولية لحماية الأمن والسلم العالميين، ولحفظ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وصون أرضنا، والحفاظ على سيادتها، وليست التطورات الأخيرة التي حصلت في جورجيا وأبخازيا ببعيدة عن هذا الواقع، بعدما سعت الإدارة الأمريكية لتحريك الكثير من النزاعات وفق خططها الرامية إلى الضغط أكثر على الدول التي تحاول منعها من العودة إلى موقع القيادة في العالم وعلى رأسها روسيا، واستخدام الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية كوسيلة لتحقيق ذلك، وتطويق الدول الخارجة عن هيمنتها بهذه العناوين وغيرها...
لقد تحولت الأمم المتحدة، وخصوصا في السنوات الأخيرة، إلى وسيلة تستخدمها الإدارة الأمريكية المحافظة لقمع الشعوب واجتياح المزيد من البلدان وشرعنة فظائع الاحتلال، وبذلك كفت المنظمة الدولية على أن تقوم بأبسط واجباتها تجاه هذه الشعوب وبرز ضعفها تارة عند اختلال الموازين الدولية وسيطرة نهج القطب الواحد، وطورا عندما استعاد بعض الأقطاب الدوليين شيئا من توازنهم ففشل مجلس الأمن حتى في إصدار قرار واضح حول بعض الأحداث كما في الحرب الروسية الجورجية الأخيرة".
ورأى "ان هذه الحقيقة تؤكد ضرورة أن تتحرك الشعوب، وخصوصا شعوب العالم الثالث والعالمين العربي والإسلامي والدول المنضوية تحت لواء دول عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، في سياق محاولات عملية تؤدي إلى تغييرات جذرية في طريقة التعاطي مع ما يقرره الكبار في مجلس الأمن، لأن ما يقررونه لا يأخذ مصالح الشعوب في الاعتبار، وأن يبدأ العمل الجدي لإصلاح الأمم المتحدة وإصلاح نظامها الذي بات عبئا على الشعوب بفعل سيطرة الدول الدائمة العضوية على مجلس الأمن وبالتالي تحكمها بقرارات الحرب أو السلم في العالم، أو العمل لبناء مؤسسة دولية بديلة تستطيع حماية السلم والأمن العالميين، وتطبيق العدالة بعدما أخذت الاستنسابية طريقها المدمر في القضايا الدولية وخضعت المعالجات السياسية لمعايير مختلفة ومتباينة تبعا لمصالح دول الاستكبار ومن يدور في فلكها".
وتابع :"لقد فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة العالم، وأدخلت الأمم المتحدة في أنفاق فشلها عندما عملت على إخضاعها لبرنامجها السياسي وأجندتها الأمنية الأمريكية الإسرائيلية، ولذلك فإن الحاجة تبدو ماسة ـ وسط هذا المناخ من حال الفوضى والاضطراب الدولي ـ للبحث عن البدائل التي تحفظ للشعوب حقوقها وتمنع الدول الكبرى ودول الاستكبار العالمي من اجتياحها ومصادرة خيراتها وثرواتها وقراراتها".
واشار الى انه "على دول الممانعة وحركات التحرر أن تضاعف من جهودها لحماية نفسها وشعبها وسط هذه الأجواء الدولية المعقدة، وعلى المقاومة في لبنان أن تحافظ على جهوزيتها واستعدادها في عالمٍ لا يحترم إلا الأقوياء، ولا يحفظ للضعيف حقوقه، ولا يريد لدولنا وشعوبنا أن تستمر إلا من خلال مصالح الكبار، وخصوصا أننا نرصد استعدادا إسرائيليا كبيرا للقيام بعدوان جديد على لبنان عندما يشعر العدو بأن الفرصة باتت مؤاتية، وأن اللبنانيين ينامون على حرير الوعود الدولية بأن إسرائيل لن تسعى لاجتياح لبنان وتدميره مرة أخرى".
وختم: "إننا في ذكرى انتصار لبنان ومقاومته على العدو، نريد للجميع أن يعملوا على تعزيز الوحدة اللبنانية الداخلية وتوفير المناخات السياسية الوحدوية التي تحفظ السلم الأهلي في مواجهة المتربصين به، وتضع البلد على سكة المواجهة الحقيقية مع العدو التاريخي له وللأمة ولكل الأحرار".