فضيحة كبرى تهز الحلبة السياسية الصهيونية: عضو في لجنة فينوغراد يعترف بأن التقرير خضع لإعتبارات سياسية!
جريدة السفير - 7/2/2008
قبل نشر تقرير «لجنة فينوغراد» الاسبوع الماضي، توقع كثيرون أن يحدث هزة أرضية، لكنه مر بهدوء ومن دون أضرار كبيرة، الى ان جاءت أمس تصريحات عضو اللجنة البروفيسور يحزقيل درور، لتحدث تسونامي، هز الحلبة السياسية الصهيونية لا سيما قوله إن العملية السلمية بقيادة إيهود أولمرت والخشية عليها من وصول زعيم الليكود بنيامين نتنياهو، أدت دوراً كبيراً في مواقف أعضاء اللجنة. وكان هذا القول كافيا لإنطلاق المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية وإعادة التأكيد على أن لجنة فينوغراد كانت «لجنة فاسدة».
وكان توزيع مقتطفات من مقابلة تنشر غداً مع درور في ملحق «معاريف» الأسبوعي، أن أعاد تقرير فينوغراد إلى الواجهة وحطم الهدوء الذي حل أمس الأول بعد ترسيخ الائتلاف الحكومي. وجاء في هذه المقتطفات قول درور «إذا اعتقدنا أن رئيس الحكومة سيتقدم بالعملية السلمية، فإن هذا اعتبار بالغ الاحترام. فالعملية السلمية، إذا نجحت، سوف تنقذ الكثير جدا من الأرواح وهذا له وزن كبير. وليس من الصواب النظر فقط إلى جهة واحدة».
ورداً على سؤال عما إذا كانت العائلات الثكلى جزءاً من الإعتبارات، قال درور «أفكر في العائلات الثكلى في حرب مستقبلية. فإذا كانت العملية السلمية ستمنع حربا في المستقبل، حينها ستفكر في تلك العائلات التي لن تمر بالألم الأكبر. فإذا انشغلنا بنسج مستقبل فمن المحظور لأحداث مثيرة وصادمة في الحاضر أن ترجح الكفة. ينبغي موازنة حاجات المستقبل مع عدالة الحاضر».
ورداً على سؤال عما إذا كان ينبغي منح أولمرت الفرصة لمواصلة طريقه، أجاب درور «ينبغي التفكير في النتيجة. ما الأفضل؟ حكومة أولمرت وباراك أم انتخابات جديدة يفوز فيها نتنياهو؟».
وكان درور قد أعلن أمس الأول، في ندوة بعنوان «صرخة فينوغراد» في مركز هرتسليا، أن «لجنة فينوغراد هي صرخة وفرصة على حد سواء». وقال إن «جدول الأعمال العام يتغير بسرعة ويجب استغلال مشاعر اليأس من أجل إدخال إصلاحات عديدة مطلوبة أصلا. وعلى كل من يريد أن يفهم مشكلة إسرائيل بجدية، أن يقرأ كل التقرير من ألفه إلى يائه».
وشدد درور في محاضرته على أنه يتحدث باسمه شخصيا وليس باسم أحد من اللجنة. وشبه وضع العدو الصهيوني بوضع المصاب بداء السرطان، قائلاً «هناك سرطان تظهر أعراضه الأولى على الجلد، ويحتاج إلى طبيب جيد ومعدات طبية جيدة لمعرفة أنه سرطان، ليس مجرد حساسية». وأكد أن «أحداث حرب لبنان هي أعراض لمشاكل أعمق جدا، وأعتقد أن لجنة فينوغراد كشفت على أرضية الحرب عددا من المشاكل الأساسية».
وتحدث درور عن مشاكل في القيادة والتفكير الاستراتيجي وقدرة الأجهزة التنفيذية على العمل. وقال إن هناك في الكيان الصهيوني «غياباً للتقاليد السياسية وغيابا لتقاليد الأخلاق السلطوية. فستون عاماً من الضغط والحروب لم تكن كافية لبلورة أخلاق سياسية، والأمر يحتاج إلى جيل أو جيلين أو ثلاثة».
وكان درور، في محاضرته، قد أثار ضجة أخرى عندما قال إن «إسرائيل خلقت مشكلة الإختطاف كسلاح ضد نفسها. فدفع أثمان باهظة في مقابل المختطفين، يعلم الطرف الثاني أن يزيد عمليات الخطف».
وردت لجنة فينوغراد بغضب شديد على ما جاء في مقابلة درور مع «معاريف». ومن المتوقع أن تزيد في صدمة الحلبة الصهيونيةمقابلة تلفزيونية أجرتها معه ايضا القناة الثانية في التلفزيون الصهيوني. وأبلغ مصدر في اللجنة موقع «يديعوت أحرونوت» الصهيوني «آمل أن يغلق درور فمه من الآن فصاعداً». كما أصدرت اللجنة بياناً رسمياً ذكرت فيه أن «التقرير يتحدث بنفسه عن نفسه. وهناك خلافات بيننا حول ما يجدر بأعضاء اللجنة فعله بعد نشر التقرير». وقالت اللجنة إن غالبية أعضائها قرروا ألا يبدوا رأيهم الخاص في التقرير بعد نشره. وأشار أعضاء في اللجنة إلى أن كلام درور لا يتسم بالمسؤولية، برغم أنه أعرب عن رأيه الشخصي. وقالت وســـائل إعلامية صهيونية إن غضب القاضي فينوغراد على درور لا حدود له.
وعندما خرجت ردود الفعل في الحلبة الصهيونية عن كل حدود، بادر درور إلى الاتصال بالإذاعة الصهيونية ليوضح أن ما أعلن لا يمثل لجنة فينوغراد بل يمثل رأيه الشخصي. وأصدر بياناً حاول التخفيف فيه من أثر كلامه وقال إنه «في الأقوال المقتبسة عني بشكل مشوه لم أبد رأيا شخصيا. تحدثت كشخص عادي، كبروفسور علوم سياسية. وهي قيلت في مقابلة مع المراسل حيث تداولنا في الطريقة التي يفترض فيها أن يتعامل الجمهور مع قضايا قيمية عامة. وكما سلف، ليس فيها أي إبداء رأي بهذا الشكل أو ذاك حول هوية أعضاء الحكومة هؤلاء أو أولئك، وهي لا تعبر أبدا عن موقفي الشخصي وبالتأكيد إنها لم تبحث في أي مداولات جرت في إطار لجنة فينوغراد».
وأثارت أقوال درور غضباً كبيراً في صفوف المعارضة. وأعلن رئيس لجنة مراقبة الدولة في الكنيست الصهيوني، زفولون أورليف، أنه سيقرر في نهاية الأسبوع ما إذا كان سيستدعي أيضا رئيس اللجنة إلياهو فينوغراد للمداولات. ودعا عدد من أعضاء اللجنة رئيسها أورليف إلى العمـل من أجل تشكيل لجـــنة رسمية للتحقيق في إخفاقات حرب لبنان الثانية.
وقال وزير الخارجية السابق الليكودي سيلفان شالوم إنه إذا ثبت أن هذه الأقوال صحيحة، فمن الواجب تشكيل لجنة تحقيق رسمية جديدة. وأضاف «بعدما خابت آمالنا في السياسيين والإعلاميين، لم نصدق أن آمالنا سوف تخيب أيضا في اللجنة. وإذا كان عضو اللجنة يزعم أن الاعتبارات التي وجهته هي من يحقق السلام ومن يغدو رئيس الحكومة، فإن ذلك يستدعي تشكيل لجنة تحقيق رسمية. فمن توقع هزة أرضية جراء التقرير، ينال الآن تسونامي».
وحتى في حركة «ميرتس» اليسارية بدا الغضب شديداً، فأعلن رئيسها يوسي بيلين أن «أقوال البروفسور درور مشينة وتثبت أنها كانت «لجنة مجندة». ومن المحظور أن يكون الاعتبار لقدرة رئيس الحكومة على تحقيق السلام، عاملا لدى أعضاء لجنة تحقيق عامة أنشئت من أجل التحقيق في إخفاقات الحرب. فهذه مسألة يحسمها الجمهور الواسع والأحزاب وفق رؤيتهم القيمية، وإذا كان ذلك عاملا في قرار الللجنة فإنها تفقد بذلك كل صلاحية».
وقال أرييه إلداد من الاتحاد القومي إن تصريحات درور تظهر أن لجنة فينوغراد فحصت أداء زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو وليس أداء أولمرت، مطالباً بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. وانضم إلى المطالبين باستيضاح ما جرى أعضاء كنيست من حزب «كديما» الحاكم مثل مارينا سولدوكين وعميرة دوتان وأعضاء من حزب «العمل» مثل داني ياتوم.
بل إن أعضاء من «العمل» عادوا يطالبون بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. وقالت النائبة عن الحزب شيلي يحيموفيتش إنه «لا مفر من تشكيل لجنة تحقيق رسمية بدلا من لجنة فينوغراد. إذ يتضح أن أحد أعضاء اللجنة، على الأقل، عمل من منطلقات سياسية، وأن الميل لتحصين أولمرت بسبب الوهم بقدرته على التقدم بالعملية السياسية، تسرب حتى إلى أعضاء اللجنة، التي ظن الجمهور بسذاجة أنها طاهرة من الإغراض».