من البرقيات المكشوف عنها والتي تحمل توقيع السفير الامريكي السابق في لبنان جيفري فيلتمان ، لقاء بين الاخير ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل بتاريخ 23 تموز 2006 في منزله في بكفيا ، قدّم الاخير خلاله رأيه المتطرف بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فقال "نصر الله خدع كلّ لبنان خلال الحوار الوطني، وهو مدرك تماما أن نتيجة حملته ستحدد مصير محور حزب الله - إيران "، معتبرا أن "انتصار الحزب سيكون بمثابة الكارثة على لبنان، لأن عناصره ستسيطر سيطرة كاملة على لبنان ، وسيشتدّ عود حلفائهم السوريين والايرانيين على إمتداد الشرق الاوسط"، وأضاف "المسيحيون والسنة والدروز وحتى الشيعة ضاقوا ذرعا".
وعن الدمار الذي ألحقه العدوان ، قال الجميّل "اللبنانيون بدأوا يسائلون قيادة حزب الله ومارجعه أيضا ، رغم وعود نصر الله الاسبوع الماضي بالمال النظيف (في انتقاد قاسٍ لثورة سعد الحريري ) لإعادة إعمار الجنوب".
لم تقف تصريحات الجميّل عند انتقاد حزب الله، بل فجّر حقده التاريخي على النائب ميشال عون ، فوصف الاخير أمام فيلتمان بالمتهور والمريض والمجنون والانتهازي السطحي، مشيرا الى أن "عون يلتصق بإتفاقه مع حزب الله لأنه راهن على أن سوريا والحزب سيتصدران الازمة الحالية"، وتابع "عون نسّق مع الموساد خلال الحرب الاهلية ، وهو يضع نفسه في تحالف مع حزب الله وسوريا اليوم لأنه اعتقد بأنهما قدّما له الفرصة الامثل لتحقيق رغبته القديمة في الفوز بالمقعد الرئاسي في بعبدا"، مدعيا أن "الدعم القوي من الحزب لعون يخسّره سريعا ثقة نوابه وجمهور ناخبيه المسيحيين".
وطالب الجميّل أيضا بـ"دعم مستمر من الحكومة الامريكية لنشر هذه الرسالة عبر الاعلام وفي دعم حركة 14 آذار وتطوير مؤسسات الحكومة اللبنانية"، وأضاف أن "الاستراتيجية الاعلامية المنسقة التي ستعتمد أساسا على وسائل الاعلام ، ستحارب أيضا النظرة العربية الاسلامية التي خلقتها بروبغندا حزب الله عن أن قدرة الحزب على الصمود طويلا في وجه الجيش الاسرائيلي هي انتصار".
كذلك زعم رئيس الكتائب أمام السفير الامريكي أن "النائب السابق اميل اميل لحود متورط في عمليات غسل أمول ضمن فضيحة برنامج النفط مقابل الغذاء".
فليتمان علّق عند كتابته البرقية على أقوال الجميّل فأعرب عن اعتقاده بأنه "اذا تمكن الاخير وباقي أعضاء 14 آذار بالفعل من تحضير حركة أمل والشيعة المعتدلين ليكونا بديلا لحزب الله ، مع إطلاق حملة إعلامية ضدّ المغامرات اللامسؤولة لحزب الله والدمار الذي استدرجه ، فقد تتمكن هذه القوى من سحب الدعم الشعبي الشيعي لحزب الله ، ولا شك في أن نبيه بري يكرهه ربما أكثر من أي سياسي لبناني آخر غير أنه يعتمد على دعمه الانتخابي في الجنوب ، وسيكون سعيدا بالهرب من قبضة حزب الله"، حسب ادعاءاته .
السفارة الامريكية تجسّ نبض الشارع اللبناني لمعرفة موقفه من حزب الله
خلال الحرب ، أظهرت وثائق "ويكيليكس" أن السفارة الامريكية عملت بشكل مضاعف لجسّ نبض الشارع اللبناني حيال حزب الله ، وهي لم تلتقِ سياسيا لبنانيا الا وسألته عن رأي الناس ، وهي في هذا الاطار أبرزت قراءة بعض الصحافيين اللبنانيين كعلي الامين ومحمد سلام والاكاديمين كالاستاذ الجامعي أحمد موصلّي والناطق السابق باسم اليونيفيل تيمور غوكسيل لتصورهم على أنهم خبراء في شؤون حزب الله .
وهنا ، يرى غوكسيل أن "العملية البرية الاسرائيلية هي بالضبط ما يريده حزب الله، وينقل عن مصادر الحزب، كما يقول، "إنهم يتمنون أن تبقى إسرائيل لبرهة داخل الاراضي اللبنانية، وإن رجال حزب الله الذين صدّوا التقدّم الاسرائيلي في مارون الراس وكبدوا الجيش الاسرائيلي خسائر كبيرة ، كانوا 17 مقاتلا قتل منهم سبعة ، وهؤلاء هم من أبناء القرى الحدودية ، وليسوا من القوات الخاصة في المقاومة الذين ما زالوا ينتظرون المرحلة الثانية من الحرب للمشاركة في المعارك".
جنبلاط وحمادة
وفي برقية دونت بتاريخ 6 آب 2007، يروي فيلتمان تفاصيل عشاء جمعه ومساعد وزير الخارجية الامريكية دايفيد ولش مع الوزير السابق مروان حمادة بحضور النائب وليد جنبلاط ، حذّر خلاله الاخير من أن ما أسماه قلة "قلة فاعلية إسرائيل في العمليات البرية وفي الاستخبارات هي خطر على إسرائيل وعلى المنطقة"، مستنتجا أن " الطاولة قد انقلبت اليوم لمصلحة حزب الله ما دامت المنظمة قائمة على ثقافة الموت"، وأضاف "مقاتلو حزب الله يريدون أن يموتوا شهداء وهم لن يترددوا في تفجير أنفسهم لقتل الاسرائيليين"، وقال "الجنود الاسرائيليون ليسوا بقوة أسلافهم ومن الخطر انكشاف هذا الضعف، والحل الوحيد هو في هجوم بي مركز يدمر حزب الله أو يلحق به أذى كبيرا".
أما حمادة فعبّر عن قلقه من "قراري وقف إطلاق النار اللذين ستصدرهما الامم المتحدة بدلا من إصدار قرار واحد يعالج كل المخاوف دفعة واحدة، لافتا الى أن "احتلال القرى سيشكّل ضربة لحزب الله لأن كل القرى كانت محررة قبل بدء النزاع ، وتابع قد تكون هناك حاجة لمزيد من الدمار"، ومشدّدا على أنه "يجب أن يستمرّ الضغط على الشيعة قبل عرض وقف إطلاق النار والمال".
واقترح حمادة وجنبلاط على ولش أن يقوم بمقاربة الرئيس بري من خلال مكانته كأرفع زعيم شيعي في جهاز الدولة.
تكشف وثيقة سجّلت بتاريخ 14 آب 2006 ، أي يوم وقف اطلاق النار، أنه عندما التقى فؤاد السنيورة سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن للتباحث في خطوات ما بعد الحرب، أثار فيلتمان موضوع تعزيز رقابة الحكومة اللبنانية على المطار والمرافئ ، رد السنيورة وقتها بالتأكيد أنه سيعمل على تشديد المعايير الامنية فيها ، وقال "لكنني لن ألاحق أشباحا ، لان نسبة 99.9% من التهريب تتم عبر الحدود البرية اللبنانية - السورية ، والمهربون ليسوا أغبياء ليستخددموا المطار والموانئ".
بيدرسون ينصح باحتلال كامل الاراضي اللبنانية
ومما تفيده وثائق "ويكيليكس" عما حصل وراء الكواليس السياسية خلال العدوان على لبنان قبل أربع سنوات ، أن وزيرة الخارجية الصهيونية آنذاك تسيبي ليفني أوضحت لدايفيد ولش في 8 آب 2006 ، بعد لقائها بممثلي الاعلام أن "إعادة أية أراض متنازع عليها كجزء من حل للنزاع الحالي ستكون بمثابة مكافأة للعدوان"، وقالت إن "حزب الله سيزداد قوة"، وتابعت "اسرائيل وأميركا متفقتان على معالجة مسألة شبعا بعد تنفيذ القرار 1559".
كما أفادت الوثيقة نفسها أن السنيورة يسعى الى أن تكون غالبية الجنود المسلمين المشاركين في اليونيفيل من السنة .
حصيلة اجتماعات ولش مع المسؤولين اللبنانيين بين يدي ليفني
وعليه أخبر ولش ليفني بالاتي :
- بري يرى نفسه قادرا على تمثيل مصالح الشيعة ، ولكنه لا يشعر بأنه مجبر على القيام بهذا الامر .
- الموارنة منقسمون اكثر في آرائهم ، وهم أكثر عداء لحزب الله وسوريا وايران من سائر الطوائف .
- طلب محاورو ولش مساعدة الولايات المتحدة في إعادة بناء الجسور .
- تشارك كلّ المحاورين في نظرتهم لمزارع شبعا ، بما في ذلك تقديرهم لاهمية الموضوع ، ولكون حلّه سيحرم حزب الله من ادعاءاته المقاومة .
- يريد اللبنانيون اتفاق هدنة يؤمن لهم غطاء حتى يتمكنوا من القيام بمبادرات مع اسرائيل ، وهم ليسوا سعداء بالدور القيادي الذي رسمته فرنسا في تنظيم االقوة المتعددة الجنسيات .
هاجس القضاء على حزب الله يؤرق المسؤولين الامريكيين والصهاينة
أما المبعوث الخاص للامم المتحدو تيري رود لارسن ، فطلب بحسب "ويكيلكس" ، من المسؤولين الاسرائيلين تزويده بأية معلومات عن محاولات حزب الله التسلح بعد الحرب، مسجلا خلال اجتماعاته التي أجراها في تل ابيب بعد انتهاء الحرب أن "الاسرائيليين يتطلعون لان تسهم كل من المانيا واسبانيا بجنود لمراقبة الحدود السورية اللبنانية والحيلولة دون إعادة تزويد حزب الله بالسلاح" .
من ناحيتها ، حذّرت عضو الكونغرس الامريكي نانسي جونسون مسؤولين صهاينة من أن "تل أبيب قد لا تكون قادرة على إنهاء المهمة وهزيمة حزب الله عبر استخدام الوسيلة العسكرية فقط"، وقالت لعدد من أعضاء الكنيست إن "العملية العسكرية قد تخلق أعداء لاسرائيل بقدر ما تدمره في حربها.