يوما بعد يوم تتكشف حقيقة المتخاذلين والمتواطئين على المقاومة في لبنان داخليا كانوا أم خارجيا، اعداء كانوا ام شركاء في الجنسية اللبنانية، وفي هذا الاطار نشرت صحيفة "الاخبار" نقلا عن موقع "ويكيليكس" وثائق سرية تبرز حجم التعاون الامريكي مع شخصيات لبنانية كرئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة الذي قاد جزءا كبيرا من المفاوضات خلال العدوان الصهيوني على لبنان في تموز وآب 2006 .
الوئاثق التي سربّها "ويكيليكس" تستند الى اللقاءات التي عقدها السنيورة مع السفير الامريكي السابق في لبنان جيفري فيلتمان ومسؤولين من وزارة الخارجية الامريكية .
ففي الوثيقة رقم 06 beirut 2504 ، المسجلة بتاريخ 1/8/2006 ، عقد اجتماع بين فيلتمان وأحد الدبلوماسيين في السفارة الامريكية من جهة وبين السنيورة من جهة أخرى ، يصف الاخير فيه "الوضع المحتدم آنذاك بين حزب الله والقوات الاسرائيلية" بـ"الصعب جدا "، ويقول ان "الهجوم الاسرائيلي على قانا البارحة فتح العيون وقد يمهد الطريق للوصول الى وقف دائم لاطلاق النار".
وبرّر إعلانه رفض التفاوض امام اعضاء السلك الدبلوماسي في 30 تموز بـ"الضرورة السياسية"، وخلال الاجتماع أبدى تفهمه فكريا لـ"الحكومة الاسرائيلية حين تقول إنها لا يمكن أن تقبل وقف إطلاق النار إلا في حالة انتشار قوى تفرض الاستقرار وذات صدقية".
وبعد خطابه الذي لاقى استحسانا محليا يوم الاحد ، كما تضيف الوثائق ، يقول السنيورة إنه يأمل أن "توافق كل من الحكومتين اللبنانية والاسرائيلية على النقاط السبع بسرعة"، ولدى سؤاله عن إمكان قبول خطته بدون تغيير ، يقول السنيورة إنه "في حال تنفيذ النقاط السبع الى جانب وجود قوى حفظ سلام فعالة قادرة على تطبيقها جميعا ، ستحقق "اسرائيل" ما لم تستطع تحقيقه من قبل : حدود شمالية آمنة ومستقرة".
طبقا لما تورده الوثيقة هذه يحذّر السنيورة من أن "الحكومتين الحكومتين اللبنانية والاسرائيلية تغرقان في التفاصيل، وتتناسيان بذلك الهدف الرئيسي الامن والسلام لاسرائيل،ونزع سلاح حزب الله".
يلفت فيلتمان في الوثيقة الى ان "السنيورة شدّد في معظم الاجتماعات السابقة على أهمية موضوع مزارع شبعا"، وأشار الى أنه "أساسي لكسر احتكار حزب الله لتعاطف الرأي العام اللبناني".
بعد ذلك ، يضع السنيورة فيلتمان في أجواء مفادها أن "الولايات المتحدة متهمة بنظر اللبنانيين والعرب منذ فترة طويلة ، وقد حان الوقت لان توضع ايران في هذا الموقف ويمكن تحقيق ذلك عبر اعتماد هذا الموقف فيما يتعلّق بمزارع شبعا".
السنيورة يطلب مساعدة الامريكيين
وفي برقية أخرى تحمل الرقم 06beirut2353 مدوّنة بتاريخ 13 تموز 2006 ، أي بعد يوم واحد من بداية العدوان على لبنان ، يلفت فيلتمان الى أن "السنيورة يطلب المساعدة ، وفي التفاصيل ، قال السنيورة إن "الطريق الوحيد لانقاذ الموقف تكمن في تغيير الحكومة اللبنانية للسيناريو عبر فصلها عن أعمال حزب الله وتثبيت مسؤولية الحكومة اللبنانية في ضبط الامن جنوبا ، والحفاظ على السلام على طول الخط الازرق ، واحترام جميع القرارات الدولية ذات الصلة ، وطلب الدعم من الامم المتحدة للتفاوض على قرار سلمي للازمة الحالية ، فضلا عن مساعدة دولية للطلب من الاسرائليين التراجع عن حدة هجومهم العسكري ورفع الحصار الجوي والبحري عن لبنان".
وفي الوقت نفسه أفاد السنيورة أن ا"لردّ الاسرائيلي يلائم طموحات حزب الله ودمشق وأنه يمهد الطريق لإعادة احتلال سوريا للبنان "، وأضاف أن "بيانا رئاسيا من مجلس الامن قد يكون مفيدا حتى لو انتقد لبنان ، ومن الممكن ان نكتشف عبره إمكان استخدام مسألة التجديد لوقات اليونيفيل كوسيلة لإحكام السيطرة مجددا على الجنوب ".
محمد شطح على خطى السنيورة
ولمستشار السنيورة آنذاك محمد شطح حصة في وئاثق ويكيليكس ، فهو قال إن
"حملة حزب الله الاخيرة قد أجريت بطريقة جليّة لمنفعة سوريا وايران، وهم
يريدون صرف الانظار عن عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للامم
المتحدة وقضية النووي ، هذا هو التفسير الوحيد لما قام به حزب الله بعد ان
وعدنا بالبقاء هادئا".
أولمرت : سأكون سعيدا بلقاء السنيورة
كذلك ، يزخر "ويكيليكس" بشهادات قادة العدو المادحة بأداء ومواقف رئيس الحكومة اللبنانية إبان عدوان تموز ، وفي هذا الاطار ، يعرب رئيس الوزراء الصهيوني الاسبق ايهود اولمرت عن محبته للسنيورة، لافتا الى انه " سيكون سعيدا بلقائه في أي وقت".
وبحسب الوثيقة رقم 3433/2006، أبدى أولمرت تفهمه لضعف حكومة السنيورة، مدركا ان "هذا الضعف هو ما يحول دون وضع يدها على الجنديين الاسرائيليين الاسيرين للتفاوض معها على اطلاق سراحهما".
ليفني : "اسرائيل" ولبنان يتشاركان الهدف وهو نزع سلاح حزب الله
وفي البرقية نفسها، رأت وزيرة الخارجية الصهيونية السابقة تسيبي ليفني أن "الحكومة الاسرائيلية كانت تدرك ان الحكومة اللبنانية تمثل انجازا بالنسبة للمجتمع الدولي وهي تعتقد ان حكومة فؤاد السنيورة هي خطوة في اتجاه مستقبل أفضل للبنان"، وتضيف "لقد ميزت الحكومة الاسرائيلية بين الحكومة اللبنانية وحكومة حزب الله وركزت هجماتها على حزب الله".
وفي اجتماع مع ممثلي البعثات الدبلوماسية الاجنبية في كيان العدو في 7/8/2006 ، شددت ليفني على "ضرورة تطبيق قرار مجلس الامن رقم 1559"، مشيرة الى ان "الحكومة الاسرائيلية تقر بضعف حكومة السنيورة"، ولافتة الى "حاجة المجتمع الدولي الى قواعد للتعامل مع حالات مماثلة للحالة الراهنة".
كما اعتبرت أن "الضغط الخارجي يمكن ان يساعد الاخرين على اتخاذ قرارات غير شعبية"، وأضافت أن "المجتمع الدولي يمكنه ان يساعد السنيورة على افضل وجه عبر اتخاذ قرارات من دون انتظار موافقته بحيث لا يكون بمقدوره المزيد من التسويف".
وفي اجتماع اخر مع عضو الكونغرس توم لانتوس، رأت ليفني ان "بعض الضغط الخارجي قد يساعد السنيورة لفعل الامر الصائب، ولفتت الى أنها تدرك أن "السنيورة ضعيف، ونحن كذلك ومن المستحيل بالنسبة لنا ان نقدم مبادرات حسن نية له في الوقت الراهن، الا ان هناك جملة امور يمكنه القيام بها لدفع الوضع قدما".
وقالت ليفني في اجتماع مع رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس بيتر هوكسترا إن "لا خلافات حدودية ولا سوء فهم بين اسرائيل ولبنان، فكلا البلدين يتشاركان الهدف نفسه وهو نزع سلاح حزب الله والسماح للبنان بممارسة سيادته كاملة".
أشكنازي : سياسة "اسرائيل" هي تعزيز السنيورة و14 اذار لتمكينهم من الوقوف في مواجهة حزب الله
بدوره ، يقول الرئيس السابق لأركان جيش الاحتلال غابي أشكنازي خلال اجتماع مع السفير الاميركي في تل ابيب ان "السنيورة يتشارك مع اسرائيل المصالح نفسها، أكثر مما يمكن الاخرين ان يدركوه".
اشكنازي الذي اشار الى انه أمضى "شخصيا سنوات في جنوب لبنان"، شدد على "ضرورة ان تساعد اسرائيل السنيورة لان أي شخص اخر لا يمكنه ان يأخذ لبنان في الاتجاه الصحيح".
وفي اجتماع مع مساعد الرئيس الاميركي لشؤون الامن الداخلي وما يسمّى مكافحة الارهاب، فرانس فراغوس تاوسند، عاود اشكنازي تأكيد موقف تل ابيب من حكومة السنيورة، موضحا ان "سياسة اسرائيل هي تعزيز السنيورة وقوى 14 اذار من أجل تمكينهم من الوقوف في مواجهة حزب الله".
ايمييه قلق من اصطفاف الجيش اللبناني الى جانب حزب الله في مواجهة "اسرائيل"
السفير الفرنسي السابق في لبنان برنارد ايمييه حضر أيضا في وثائق "ويكيليكس"، وفي احداها المدوّنة بتاريخ يشير الى أنه ومع اعترافه بأن ثمة شيئا غير مناسب في ما يتعلق بنشاطات القاعدة العسكرية التابعة للجيش اللبناني في الجمهور، لكنه وصف الضربات الاسرائيلية الاخيرة على منشأت الجيش بـ"غير المعقولة"، ولفت الى انه "اذا كانت الحملة الاسرائيلية ستكمل على الوتيرة ذاتها فلدينا جميع الاسباب لاجلاء الرعايا الفرنسيين من لبنان".
وفيما بدا ان ائتلاف 14 اذار عقد الامال على ان "يقصقص" الاسرائيليون أجنحة حزب الله كون "14 آذار تريد من إسرائيل القيام بالعمل القذر"، شكك ايمييه في "امكان ان تنجح هذه الحملة في ذلك".
وعبّر ايمييه عن قلقه العميق من ان يدفع الجيش "الذي لم يرد عموما على الهجمات الاسرائيلية للاصطفاف الى جانب حزب الله".
من الوئاثق أيضا
من الوثائق ، يبرز موقف لرئيسة الكنيست السابقة داليا إيتيسك تعرب خلاله عن اقتناعها بأن "الانظمة العربية المعتدلة في الاردن وتونس وقطر تحتاج الى هزيمة حزب الله تماما مثل اسرائيل والولايات المتحدة".
أيضا ، يقول وزير الحرب الصهيوني السابق عمير بيريتس، بحسب ما يكشف "ويكيليكس"، إن "اسرائيل ترجح ضمان عودة الجندي الاسرائيلي المخطوف من حماس جلعاد شاليط أكثر من تمكنها من إطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين المخطوفين لدى حزب الله ".
كما يشرح رئيس الموساد مئير داغان، وفق الوثائق المسربة، تصوره لـ"كيفية الوصول الى هدف السماح للبنان بممارسة كامل سيادته ونزع سلاح حزب الله"، فيقول إن "الجهات التي تعمل لبنان تسعى الى توحيد المسيحيين حول البطريرك نصر الله صفير ، وتوحيد الدروز حول وليد جنبلاط، والسنة حول سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتقسيم الشيعة حيث يكون جزء مهم منه معارضا بحزم لحزب الله"، ولا يغفل داغان أن يسجّل تفاؤله بـ"شأن مستقبل لبنان اذا تمّ نزع سلاح حزب الله ".