"إسرائيل" اقتطعت 14 قرية ومزرعة وحوالي 130 كيلومتراً مربعاً من أراضي الجنوب
المصدر: الديار 6/12/1999
الملخص: 90 الف دونم من مزارع شبعا ضمها العدو الصهيوني وشكاوى لبنان الى مجلس الامن اضيفت الى الارشيف وسط عدم جدية المجتمع الدولي.
يعود تاريخ الاطماع الاسرائيلية بالثروات الطبيعية للبنان ، كما للدول العربية الواقعة على خط " الحدود" مع فلسطين المحتلة ، التي جعلتها الحركة الصهيونية كيانا لليهود ، الى المرحلة التي بدأت فيها عملية تبلور المشروع الصهيوني في المنطقة .
ولان الايديولوجيا الصهيونية قائمة على بناء وطن قومي لليهود ، كان لبنان وبحدوده الجنوبية ضحية من ضحايا اقتطاع الاراضي لمصلحة هذا " الوطن" الذي لم يالف بعد حدودا مرسومة .
لقد مارست "اسرائيل" ومنذ نشوئها سياسة قضم تدريجية للاراضي المجاورة لحدودها المصطنعة التي وهبها اياها الانتداب البريطاني وهي اقتطعت حتى اليوم 64 قرية ومزرعة ، وحوالي 130 كيلومترا مربعا من الاراضي الجنوبية .
وفي الوثائق التي تؤكد نوايا "اسرائيل" التوسعية ، ان المذكرة التي قدمتها المنظمة الصهيونية الى مؤتمر الصلح المنعقد في فرساي في 3 شباط 1919 ضمنتها الحدود المقترحة للدولة الصهيونية ، بما في ذلك المنطقة الجنوبية من لبنان ، وجاء في المذكرة ان الحدود يجب ان تسير وفق الخطوط التي تبدأ في الشمال عند نقطة على شاطىء البحر الابيض المتوسط بجوار مدينة صيدا ، وتتبع مصادر المياه عند تلال سلسلة جبال لبنان ، حتى تصل الى جسر القرعون ، فتتجه الى البيرة الخط الفاصل بين حوضي وادي القرن ووادي التيم تسير في خط جنوبي .
في العام 1967 وبعد حرب حزيران اقتطعت "اسرائيل" ثلاث عشرة مزرعة لبنانية في منطقة العرقوب ، وتعرف بـ " مزارع شبعا " وهي المغر ، فشكول ، زبدين ، افوا ، الربعة ، برتعيا ، بيت البراق ، برختا ، كفردورة ، جورة العليق ، رمتى ، القرن وخلة الغزالة .
والحقت هذه الخطوة باخرى مماثلة حين قامت باحتلال عقارات مجاورة للمزارع منها وادي الخنسا ، الجاصير ، رويسة السماق ، رويسة بيت الداس ، الجل الاحمر.
وفي العام 1973 ، اقتطعت "اسرائيل" اقساما من جبل الشيخ ، وهي تتبع للبنان ، وهذه الاقسام معروفة بـ بركة النقار والسواقي والشحل ، ثم في العام 1974 اقتطعت اراضي في بلدة عيترون الحدودية وهي بطول 3 كلم طولا وعرض يتراوح ما بين 100 متر و500 متر ، واعقب ذلك اقتطاع اراض متفرقة في بلدات الظهيرة وصولا الى بلدة العديسة الواقعة عند نقطة الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية .
كما احتلت "اسرائيل" اراضي مجاورة لمزارع شبعا وهي في خارج بلدات العرقوب ، ومعروفة عند اهالي المنطقة باسماء وادي الخنسا ، الجاصير ، رويسة بيت الداس ، رويسة السماق ، الجل الاحمر وحرج مشهد الطير .
وتقدر مساحة هذه المزارع بحوالي 90 الف دونم ، بطول 11 كيلومترا وعرض يصل الى 4 كيلومترات .
في العام 1970 شقت قوات الاحتلا ل الاسرائيلي طرقات وسط مزارع شبعا وعملت على تغيير معالم المنطقة ، وطالت هذه التغييرات مزرعة المجيدية وتلال بلدتي كفرشوبا وكفر حمام ووصلت حتى خراج بلدة شبعا .
وفي خطوة كانت الاخطر منذ وضعت "اسرائيل" سيطرتها على هذه المنطقة ، حاولت تحويل هذه المنطقة الى مجمع لتوطين افواج اليهود الاثيوبيين " الفالاشا" الذين استقدموا قبل اكثر من سبع سنوات ، لكن الاهالي وقفوا في وجه هذه المخططات الاستيطانية .
ثم في اعقاب حرب تشرين عام 1973 ، حاولت "اسرائيل" ان تخفف من وطأة الهزيمة العسكرية التي الحقتها بها سوريا ، فقامت باقتطاع مساحات اضافية من الاراضي اللبنانية ، تقع على خط الحدود الدولية اللبنانية ـ الفلسطينية ومنها قريبا من جبل الشيخ وهي الشمل ، بركة النقار ، السواقي ، جورة العليق .
وخلال عامي 1974 و 1975 ، اقتطعت "اسرائيل" مساحة من بلدة عيترون الحدودية ومنطقة تدعى " جبل الشميس" واتبعتها بعد خمس سنوات (1980) بخطوات اقتطاع جديدة في قرى وبلدات حدودية اخرى ، ومنها في علما الشعب (150 دونم) ، البطيشية ، يارين ، الزلوطية ، مروحين ، رامية (350 دونما) تلال الضهيرة ، رميش ، يارون ، مارون الراس ، بليدا ميس ، ميس الجبل ، حولا ، عديسة وكفركلا ، كما استولت على مناطق غنية بالينابيع الطبيعية في جبل الصوان المطل على بلدة شويا في منطقة حاصبيا ، وضمت الى داخل الشريط الشائك (الحدود) اكثر من الف دونم من اراضي بلدة حولا ، وستة الاف دونم من احراج بلدة مارون الراس .
وفي الفترة ذاتها ، اقدم الاحتلال على تسييج مساحة تفوق الـ 20 الف دونم من سهل الخيام ، وانشأ طرقات في منطقة اخرى ، بهدف قضم اراض جديدة بين بلدتي يارون والناقورة الحدوديتين .
وفي تقارير وضعها مجلس النواب اللبناني عن عمليات قضم للاراضي الجنوبية في العامين 1986 و 1987 استندت معلوماته الى مصادر في قوات الطوارىء الدولية العاملة في الجنوب ومصادر امنية لبنانية وشهود عيان " ان "اسرائيل" ركزت في اعمال القضم الاخير (1987) على اراضي بلدة علما الشعب ويارون ورميش ومنطقة مرجعيون ، لاكمال شريط من الاراضي المقتطعة في موازاة الحدود الدولية بين الناقورة غربا ومزارع شبعا شرقا .
وفي علما الشعب اقتطع الاحتلال الاسرائيلي (عام 1982) مساحات من الاراضي المزروعة بالزيتون في علما الشعب تقع عند تخوم الحدود الدولية .
وقد ترافقت خطوات القضم والضم الاسرائيلية بحملات احتجاج واسعة من الاهالي اصحاب الاراضي ، لكن حصيلة هذه الخطوات كانت اقتطاع مساحات واسعة من معظم القرى والبلدات الواقعة عند نقطة الحدود الدولية اللبنانية ـ الفلسطينية .
وازاء هذا الواقع قدم لبنان شكوى الى مجلس الامن الدولي اضيفت الى " ارشيف " الشكاوى المقدمة عن الاعتداءات والاطماع الاسرائيلية التي تمارس منذ اكثر من نصف قرن وقد تعززت هذه الشكاوى بالرغم من عدم جدية المجتمع الدولي معها ، بتاكيدات قوات الطوارىء الدولية عن ان "اسرائيل" تقوم بين فترة واخرى" باجراءات على الحدود ".
وكان الرد الاسرائيلي يحاول ايهام الراي العام الدولي ، زاعما بان هذه الاجراءات تتعلق بقضايا عسكرية وامنية احترازية كاقامة مراكز للمراقبة وانشاء مواقع عسكرية للاليات الكبيرة " لضمان امن حدودها مع لبنان " لكن الحاصل عمليات " تصحيح الحدود " وفق الاطماع الاسرائيلية .
وكشف في تقرير اخر ان وحدة هندسية من قوات الاحتلال نقلت الاسلاك الشائكة عند نقطة الحدود الدولية في القطاعه الغربي الى مسافة 500 متر في داخل المناطق اللبنانية بطول ثلاث كيلومترات وقد ادلى احد ضباط قوات الطوارىء الدولية العاملة في الجنوب بتصريح مستهجن قال فيه " "اسرائيل" لا يبدو انها تقوم باقتطاع اراض لبنانية ، وانما تعمل على تجميل الحدود مع لبنان " وهي تقوم بالغاء التعرجات والنتوءات الجغرافية القائمة .
مسلسل العدوان الاسرائيلي على لبنان من خلال الحرب المتواصلة ضد ابناء الجنوب ومواصلة سياسة قضم الاراضي وضمها ، تنفيذا لمخططات قديمة لم توقفها " الرعاية " الدولية المباشرة للجنوب ، من خلال انتداب قوات الطوارىء الدولية من العام 1978 ، وانما هي متواصلة ولم تكن سرقة التربة من منطقة حاصبيا ونقلها الى مناطق في الجليل الفلسطيني الاخيرة.
اليوم وبعد اثنين وثلاثين عاما وفي ضوء المزاعم الاسرائيلية عن انسحابات من الجنوب لم يعد مفيدا اغفال قضية ضم مزارع شبعا والاراضي المقتطعة من قرى وبلدات حدودية في الجنوب.