المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


إعتداءات لبنان

أطماع إسرائيل في لبنان تعود لعام 1919

د. صياح عزام /كاتب (سورية)
موقع baath-party.org
اعتمدت العقيدة العسكرية الإسرائيلية في جميع الحروب التي شنتها «إسرائيل» ضد العرب على استراتيجية الهجوم أولاً مهما كانت نتائج هذا الهجوم، من دمار وحرائق وضحايا مدنيين من شيوخ ونساء وأطفال، وبغض النظر عن الأهداف التي تقصف عسكرية كانت أو مدنية.
ومن هنا كان الهجوم الجنوني المتغطرس على البنية التحتية في لبنان بما فيها من مطارات وطرق وجسور ومنشآت مدنية مختلفة ومحطات كهرباء وأبنية تمت تسويتها بالأرض، فضلاً عن الجرائم الكبرى مثل جريمة قانا الثانية وغيرها.

* تشابه العقيدتين:
ومن الملاحظ هو التشابه الكبير بين العقيدة الصهيونية العسكرية وعقيدة اليمين الأميركي المتطرف الذي يقوده الرئيس الأميركي جورج بوش/ داعية النظام العالمي الجديد...!والأصح أن يطلق على هذا العالم «عالم جديد بلا نظام» ، أو «عالم شريعة البحار» ، حيث تأكل فيها الحيتان صغار السمك تنفيذاً لنظرية «توماس هوبز» التي سادت في القرون الوسطى، وهي نظرية دعاة الحروب ممن يعتبرون القوة هي عنصر الحياة ومن لا يملك القوة لا يستحق الحياة...!
فالولايات المتحدة تبنت ­ كما هو معروف­ فكرة الحرب الاستباقية المفاجئة، ومن يطّلع على كتابات وزير الحرب الأميركي رامسفيلد قبل الحرب على العراق والتي نشرها في مجلة «الفورين أفيرز» الفصلية يرى فيها دفاعه المستميت عن فكرة الحرب الاستباقية وما سماه «الثورة العسكرية الجديدة» لتطور أسلحة الدمار بالفضاء والليزر والقنابل العنقودية والذكية والصواريخ بألوانها.
وهنا تتجسد وتظهر العلاقة الإجرامية العدوانية بين العقيدتين الإسرائيلية والأميركية، وهذه العلاقة هي علاقة استراتيجية ومستمرة، وما يربط بين هاتين العقيدتين أيضاً، أن الحروب تدور دائماً خارج أراضيهما ( أي الأراضي الأميركية وأراضي الكيان الصهيوني)، وخير دليل على ذلك، الحرب العالمية الأولى، حيث كانت الولايات المتحدة بحكم موقعها البعيد، وبحكم المحيطات بعيدة عن ساحات المعارك، وقد انتظرت ثلاثة أعوام تقريباً قبل تدخلها في تلك الحرب، في الوقت الذي كانت فيه الدول الأوربية قد طحنت بعضها بعضا، وبالتالي إذا تدخلت الولايات المتحدة الأميركية تكون هي الطرف الأقوى، وتكون لها اليد العليا في استثمار نتائج الحرب، كما أن خسائرها البشرية تكون أقل بكثير من خسائر الدول المتحاربة الأخرى. وعلى سبيل المثال خسرت يوغسلافيا السابقة وحدها في الحرب العالمية الأولى سبعة ملايين إنسان ، وخسر الاتحاد السوفياتي السابق وحده حوالي /20/ مليون، بينما لم تتجاوز خسائر الولايات المتحدة /370/ ألفاً.
أما «إسرائيل» فكما أشرنا كانت جميع حروبها ضد العرب خارج حدودها مع التركيز على عنصر المفاجأة، ومن هنا كان سر الوجيعة التي لحقت بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية عندما استطاعت المقاومة الوطنية اللبنانية أن تنقل الحرب إلى داخل حدود «إسرائيل» بالصاروخ المحمول على الأكتاف وبغيره. وكانت المفاجأة الأكبر للجيش الإسرائيلي هي الفشل في حربه البرية، والخسائر التي لحقت به بشرياً وعسكرياً جراء محاولات التغلغل في الأراضي اللبنانية والمقاومة الضارية والذكية لمقاتلي حزب الله الأبطال.

* أطماع قديمة:
ومما يجدر ذكره ، أن النوايا العدوانية الإسرائيلية تجاه لبنان واضحة وقديمة، وقد كشف عنها في يومياته « دافيد بن غوريون» ، حيث كتب في 21 أيار 1948 :« إن نقطة الضعف في الائتلاف العربي هي لبنان، فالتفوق العددي للمسلمين هناك غير فعال، ويمكن تغييره بسهولة، ولا بد من إقامة دولة مسيحية هناك، حيث الحدود الجنوبية عند نهر الليطاني (كتاب ميكائيل زوهار عن بن غوريون­ النبي المسلح) ».
وتعود فكرة احتلال الجنوب اللبناني في العقيدة العسكرية الإسرائيلية إلى ما قبل ظهور «إسرائيل» . ففي الخريطة المقدمة إلى مؤتمر السلام في «فرساي» عام 1919، من قبل المنظمة الصهيونية العالمية، كان جنوب لبنان ضمن هذه الخريطة حتى نهر الليطاني ( أي ضمن المناطق التي تطالب بها «إسرائيل» لتكون ضمن كيانها في فلسطين) .
كذلك نجد أن الجنوب اللبناني كان هدفاً للإسرائيليين في مذكرات «موشي شاريت» حين كان رئيساً للوزراء عام 1955 ، وكان «بيغن» الإرهابي وزيراً للدفاع آنذاك و «موشي دايان» رئيساً للأركان.
لقد جاء في مذكرات شاريت (ص 216) أن «دايان» قال له :
« كل ما نحتاجه في لبنان هو العثور على ضابط مسيحي حتى لو كان برتبة كابتن، وعلينا أن نكسبه إلى صفنا. وعليه أن يقدم نفسه على أنه منقذ للموارنة، وحينئذٍ يمكن لقوات «إسرائيل» أن تدخل لبنان، وأن تسيطر على الأراضي الضرورية، وأن تقيم حكومة مسيحية تصبح حليفة لـ«إسرائيل» ويمكن ضم القطاع الذي يقع جنوبي نهر الليطاني كليةً إليها».
وجميع الحروب التي شنتها «إسرائيل» على لبنان 1978­1982­ والحرب الحالية 2006 تثبت أن لـ«إسرائيل» أطماعاً في لبنان.
ولكن من الملاحظ أن ما جاء في الخطة الإسرائيلية حول إقامة جيش موالٍ لها في لبنان باءت بالفشل، لأن المسيحيين في لبنان خيبوا آمالها، فهم من أنشط الدعاة لفكرة عروبة لبنان ووحدته، ولعلاقته الوثيقة مع محيطه العربي وخاصة مع سورية.
وفي الحرب العدوانية الأخيرة على لبنان 2006، راهنت «إسرائيل» كثيراً على بث روح التفرقة بين اللبنانيين، وتحريضهم على حزب الله ، وتفكيك لبنان، إلا أن ما حدث كان مفاجأة لها، حيث التف اللبنانيون جميعاً حول المقاومة من البقاع إلى الجنوب ومن بيروت إلى صيدا و صور وإلى الشمال، مؤكدين على الوحدة الوطنية ودعمهم للمقاومة.

* نازية جديدة:
لا شك بأن الصهيونية لم تعد تختلف عن النازية ليس في مسألة اعتبار الشعب اليهودي «شعب الله المختار» ، بل في سياسة «إسرائيل» في مجال تجريد الإسرائيلي من إنسانيته كما يقول البروفسور «زيمرمان» خبير تاريخ النازية في الجامعة العبرية بالقدس، ومما يقوله في هذا المجال:
«هناك وحش في داخل كل منا، وهناك قطاع كامل من الشعب اليهودي الذي أصفه بدون تردد كصورة طبق الأصل من النازية الألمانية، وانظروا إلى أطفال المستوطنين في الخليل، فهم يشبهون تماماً الشبيبة الهتلرية ، فمنذ طفولتهم يشبعونهم بفكرة أن كل عربي سيء ، وأن كل غير اليهود ضدنا حتى جعلنا منهم أشخاصاً يشعرون دائماً بالعظمة. وهم يعتبرون أنفسهم جنساً متفوقاً تماماً كالشبيبة الهتلرية ».

* وثيقة خطيرة:
وإلى جانب هذا الحلف العدواني بين إرهاب الكيان الإسرائيلي والإرهاب العالمي الذي تفرضه إدارة «بوش» تحت ما يسمى محاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية، يجب ألا ننسى ما نشرته مجلة «كيفونهيم»أي اتجاهات، وهي لسان حال المنظمة الصهيونية العالمية في القدس عام 1982، إبان الغزو الإسرائيلي للبنان. وقد تطرق إلى هذا المقال المفكر «روجيه غارودي» في كتابيه «حفارو القبور» و « أميركا طليعة الانحطاط» تقول المنظمة الصهيونية العالمية ما يلي:
« ينبغي تقسيم مصر إلى دويلات منفصلة جغرافياً ... وبمجرد أن تتفكك أوصال مصر وتتلاشى سلطتها المركزية تتفكك باقي البلدان العربية... وتعد تجزئة لبنان إلى خمس دويلات بمثابة نموذج لما سيحدث في العالم العربي بأسره... وينبغي أن يكون تقسيم كل من العراق وسورية إلى مناطق منفصلة على أساسٍ عرقي أو ديني أحد أهداف «إسرائيل» الأساسية ».
هكذا تبدو هذه الوثيقة على درجة كبيرة من الخطورة، فهي بمثابة خطة عمل مشتركة بين الولايات المتحدة و «إسرائيل» ، والهدف هو إقامة «إسرائيل» الكبرى بحماية ودعم ورعاية الولايات المتحدة.
على أية حال يتضح أن الوطن العربي كله في خطر في ضوء همجية العقيدة الصهيونية العسكرية المتحالفة مع اليمين المتشدد والمتصهين في الإدارة الأميركية، وما سمته كونداليزا رايس «الفوضى الخلاقة» ، أو «الشرق الأوسط الجديد» أخطر بكثير من أن يستهين العرب به أو يسكتوا عنه، ولهذا لا بد أن يتضامن العرب ولو في الحدود الدنيا، وأن يقفوا موقفاً موحداً وفاعلاً في وجه التحديات التي يواجهونها، والتي تهدد مصيرهم ووجودهم بالكامل في ظل سياسة القطب الواحد الأميركي الهادفة إلى الهيمنة على العالم ونهب خيرات شعوبه.
المراجع:
- جريدة الجمهورية عدد 3 / 8 / 2006 .
- جريدة الرأي الأردنية عدد 8/ 8 / 2006 .
- جريدة الحياة عدد 9/ 8 / 2006 .

22-تشرين الثاني-2007
استبيان