في 14 اب/اغسطس عام 2006 توقفت الاعمال العدوانية الصهيونية ضد لبنان، لكن ضحايا العدوان ما زالوا يسقطون حتى يومنا هذا جراء القنابل العنقودية والألغام والصواريخ غير المنفجرة التي ألقى بها العدو الصهيوني قبل ساعات من وقف العدوان. آخر ضحايا العدوان المستمر جراء القنابل العنقودية كان الشهيد مهدي محمد حرز الذي استشهد جراء انفجار قنبلة عنقودية خلال مهمة لتفكيك وتعطيل هذه الألغام.
وبالرغم من مضي اربع سنوات على العدوان إلا أن حجم هذا الخطر ما زال كبيراً خصوصاً أن عملية التطهير ما زالت في مرحلتها الأولى ولا يزال أكثر من
ستين بالمئة من الأراضي ملوثا بالقنابل العنقودية، فيما بدأ اعدد الهيئات العاملة على تطهير المناطق الملوثة ينخفض تدريجياً لاسباب متعددة لعل ظاهرها هو نقص التمويل والازمة المالية العالمية وتحويل الأموال الى مناطق نزاعات اخرى. وتعد جمعية "اجيال السلام" لنزع القنابل العنقودية احدى المؤسسات العاملة في هذا المجال والوحيدة التي يتشكل جميع عناصرها من اللبنانيين بادارتها وموظفيها، وبتمويل من المجتمع المحلي ومن أصحاب اليد البيضاء ومن مؤسسات انسانية دولية في مقدمتها الجمهورية الاسلامية الايرانية.
مدير الجمعية خليل رحال تحدث لـ "الانتقاد" عن اهداف هذه الجمعية وقال إنه
"استكمالا لتحرير الارض من العدو الاسرائيلي كان لا بد من ازالة بقايا
الاحتلال الصهيوني الذي يتربص بأهلنا شراً وعدوانا، لذلك كان القرار بانشاء
هذه الجمعية. باشرنا العمل الفعلي في شهر تموز عام 2008 من خلال عقد توأمة
أبرم مع جمعية "ايمن سازان عمران بارس" الايرانية، وبناء على ذلك نالت
جمعيتنا الترخيص، وهي شركة عالمية تقدم المشورة والخدمة والخبرة، وكل هذا
العمل تمّ تحت اشراف المركز الوطني للأعمال المتعلقة بالالغام والقنابل
العنقودية التابع للجيش اللبناني".
وأضاف رحال إن "الجمعية بدأت بفريقي عمل مؤلفين من الشبان الجنوبيين،
ومعظمهم من العمال المصروفين لدى المؤسسات والمنظمات التي أنهت العمل بنزع
الالغام. أما اليوم فاصبح عدد الفرق المشاركة ستا، وهي مجهزة بمعدات
وتجهيزات حديثة. الاولوية كانت للأماكن الملوثة والقريبة من المنازل ومن
الحقول الزراعية، حيث ستكون المرحلة الاخيرة وهي تنظيف الأودية والأحراج في
كافة الأراضي الجنوبية".
ولفت رحال إلى أن خطة العمل وضعت من قبل المكتب الوطني حتى العام 2013، لكن
توقعاتنا تشير الى ان استكمال العمل قد يطول اكثر بسبب العوائق التي
تواجهنا، واهمها عدم وجود خرائط كاملة ودقيقة للاماكن الملوثة، اضافة الى مرور الزمن الذي يشكل عائقاً كبيراً أمام الفرق التي تقوم بالتنقيب"، مشدداً على أن
للجيش اللبناني الاشراف اليومي على العمل عبر المكتب الوطني ومن خلال
مواكبة عدد من الضباط للتأكد من جودة وصحة العمل وفقا للأنظمة والقوانين
العالمية المعمول بها".
وإذ يشدد رحال على اهمية هذا العمل إلا أنه يشير إلى أنه من الطبيعي أن
يكون محفوفاً بالمخاطر" فهؤلاء الشباب هم من المقاومين الذي يستكملون
جهادهم ضد
العدو الاسرائيلي، وقد سقط منهم العديد من الشهداء والجرحى وكان اخرهم
الشهيد مهدي محمد حرز (20 عاما) ، من خلال انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات
العدو انفجرت بمجموعة في منطقة مريمين في خراج بلدة ياطر في قضاء بنت جبيل
حيث أصيب أربعة آخرون بجراح متوسطة وهم: عبد الكريم عبد علي وحسين منصور
وكامل غندور ونبيل بعلبكي، الذي لا يزال في المستشفى يتلقى العلاج.
وقد أوردت تقارير مؤسسات انسانية دولية ومحلية أن العدو الاسرائيلي استهدف
لبنان قبل انتهاء عدوانه على لبنان بساعات معدودة بما لا يقل عن اربعة
ملايين قنبلة عنقودية، اضافة الى مئات الآلاف من الألغام والقذائف
والصواريخ غير المنفجرة، كما اشارت الاحصاءات ان هذا العمل العدواني ادى
الى تلوث أكثر من 965 موقعاً جغرافيا أي ما يعادل 38،819،694 متراً مربعاً
من الأراضي في ما لا يقل عن 155 قرية، وتعتبر هذه الكمية تفوق عشرات الحروب
التي خيضت في السنوات الأخيرة في دول عدة نسبة إلى الحجم الجغرافي للبنان.
واشارت هذه الاحصائيات إلى أنه جرى تفكيك 197 الف قنبلة عنقودية منذ انتهاء
حرب 2006، الا ان مئات الاف القنابل الأخرى ما زالت تهدد السكان الآمنين
في قراهم في جنوب لبنان. وتوضح المصادر أنه جرى "تنظيف حوالى 52 في المئة
من المساحة المزروعة بالألغام والبالغة 45 كيلومتراً مربعاً، إلا أن عدد
فرق نزع الألغام يتضاءل مع تراجع التمويل" الى حد أنه توقف على الرغم من
المعاهدة التي وقعتها الأمم المتحدة وأكثر من 30 دولة. والقنابل العنقودية
التي استعملها العدو فاقت المئة نوع وصنف من مختلف الاحجام والانواع
وجميعها صناعة الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني.
يذكر أن عدد القنابل العنقودية التي ألقيت ولم تنفجر هو بنسبة 40 بالمئة من
مجمل الأعداد التي تحملها الحاويات، وهذه النسبة تشكل خطرا كبيرا على
المواطنين لأنه مجرد لمسها او تحريكها يمكن أن يؤدي الى الموت أو الى
إصابات خطيرة". وتقول مصادر لبنانية غير رسمية "ان عدد ضحايا الألغام
والقنابل العنقودية الاسرائيلية، من المدنيين والعسكريين ومن فرق نزع
الالغام (لبنانيين واجانب) وصل الى 47 شهيدا و293 جريحا"، بينهم ثلاثة
شهداء و38 جريحا تحت عمر 12 سنة، و5 شهداء و61 جريحا حتى عمر 13 سنة و19
سنة وما يفوق 39 شهيدا و196جريحا اغلبهم بترت اطرافهم.
أربع سنوات مرت على العدوان الاسرائيلي على لبنان، وما زال جزء كبير من
الأراضي اللبنانية مزروعا بأدوات القتل والارهاب، ويبدو ان هذه المشكلة
ستظل تلاحق الجنوبيين لفترة طويلة وخصوصاً أن الاحتلال الإسرائيلي الذي سلم
منذ فترة عبر قوات الطوارىء الدولية المنتشرة في جنوب لبنان خرائط لحقول
القنابل العنقودية والالغام، إلا ان الجيش اللبناني أكد أن هذه الخرائط غير
مكتملة وغير دقيقة.